الحلقة الثالثة :
كان منزل (هيما ) صاحب (طارق ) على بعد شارعين من بيته ، لا تستغرق المسافة بينهما أكثر من عشر دقائق ، قطعها طارق فى ساعة إلا ربع ، لأنه قد وقف فى الطريق أكثر من مرة . فأى فتاة يراها يقف أمامها و يرفع صوت الأغانى على الموبايل لأقصى حد ، ليلفت إنتباهها إليه و إلى منظره المبهر الجذاب !! و لكن لم تعره واحدة منهن أى اهتمام إلا واحدة فقط نظرت إليه بقرف شديد فظن انها وقعت فى المصيدة فابتسم فى زهو و اقترب منها
طارق : صباحه عسل
الفتاة : نعم ... ؟!
طارق : أبداً .... أنا طارق
الفتاة : ( و هى تشير إلى قدمها ) و ده شبشب ... لو ما اتلميتش حاضربك بيه فى وسط الشارع
طارق : ليه كده .... دا أنا غرضى شريف
الفتاة : أمشى ياد من قدامى أحسن أهزأك
طارق : ( يشعر بالخطر فيتراجع ) ماشى ... بكرة تندم يا جميل
و مشى فى طريقة و قد نسى ما حدث بعد ثوان ، فهذا أمر قد اعتاده
و ظل كذلك حتى وصل إلى منزل ( هيما ) ووقف تحت العمارة و اتصل به ، ففتح عليه و رد .
طارق ( فى ضيق شديد ) : بتفتح عليه ليه يا إتم ؟ عاجبك كده ؟ ... دى كانت آخر رنة
هيما : معلش غصب عنى .... حبيت أكنسل قمت رديت
طارق : طيب اخلص .... انزل بسرعة
هيما : ثوانى
بعد ربع ساعة ينزل ( هيما ) و شكله لا يختلف عن طارق إلا أن شعره شديد الخشونه شديد الضخامة يصنع به كرة كبيرة على رأسه و له لحية صغيرة تحيط بفمه على شكل ***وكة
طارق : إيه يا عم بتعمل إيه ده كله ؟
هيما : معلش ... أصلى جالى تليفون
طارق : مين ؟
هيما : البت اللى قلتلك عليها
طارق : كلمتك ؟
هيما : يا بنى دى زهتقنى تليفونات ..... دى بتكلمنى على الموبايل بالخمس ساعات كل يوم
طارق : ياه ... دى أكيد غنية
هيما : يا بنى أبوها سفير .... يعنى بيقبض فى الشهر أكثر من ستة مليون جنيه!!!
طارق : يا نهار اسود .... دا أنا أبويا لما بقوله عاوز عشرة جنيه بيعمل استبدال معاش
هيما : يا بنى دى مغرقانى هدايا .... لسة امبارح جايبالى دبدوب قدك كده
طارق : دبدوب ؟!! كانت جابتلك قميص بدل القميص الجربان اللى انت لابسه ده و مبتغيروش
هيما : يا بنى أنا اللى بحب ألبسه ... بقولك معاكش فلوس ؟!
طارق : ليه ؟ احنا متفقين ... العملية صايمة .... كل واحد شايل نفسه
هيما : متبقاش ندل .... أنا قشفور .... و بعدين إحنا رايحين مكان كله بنات.... متكسفناش
طارق : يا بنى بنات إيه ؟.... أنا حصلى تشبع منهم
هيما : يا واد يا لورد ... إلا ما شفت معاك معزة حتى
طارق : مش مصدق ..؟! طيب دا أنا لسة معلق واحدة قبل أما جيلك و أخدت نمرتها كمان
هيما : ما أنا واخد بالى ... المهم معاك كام
طارق : معايا أربعين جنيه
هيما : قشطة ... مية مية .... يكفونا النهاردة
طارق : استنى شوية يا عم الحلو ... الفلوس دى حجيب بيهم كتاب .... و الباقى حاصرف منه لآخر الشهر
هيما : كتاب ؟ كتاب إيه يا بنى .... انت حتفشل و لا إيه ؟
طارق : أبويا ياعم .... قالى لازم أشوف الكتاب اللى حتشتريه ده .
هيما : دا أبوك ده عُقر قوى
طارق : يلا بينا بقى نروح الجامعة نستقضى أى كتاب عشان أخش عليه بيه ، و الباقى نشوف حنعمل بيه إيه
هيما : جامعة إيه يا عم ... ما انت عارف أنا مطلعتش الكارنيه
طارق : أدخل بالوصل
هيما : وصل إيه يا بنى .... هو أنا دفعت حاجة ؟ ... ما انت عارف ...الربعمية جنيه بتوع المصاريف رحت بيهم الرحلة
طارق : وحتعمل إيه ؟
هيما : مش عارف ... ممكن أبيع الموبايل
طارق : موبايل إيه ؟ يا بنى .... الموبايل بتاعك ده ممكن تقايض بيه على شبشب بلاستيك
هيما : أهو يجيب حوالى 200 جنيه و الباقى أحاول اتصرف فيهم
طارق : حتتصرف ازاى يعنى ؟
هيما : ما أنا قلت لك ... الواد (كُتْلَة ) شغال أمن فى المول ، كلمته امبارح و قال لى إنه حيودينى الشركة اللى شغلته
طارق : طيب ما تكلمه على أنا كمان
هيما : أما أشوف نفسى الأول أبقى أشوفك
طارق : ماشى ... بس خليها فى جمجمتك ....يلا بقى نروح النيلة الكلية
هيما : يلا يا برنس
طارق : تعالى نركب الميكروباص
هيما : ما تيجى يا عم الغنى نركب الأتوبيس و نزوغ زى كل يوم .... و لا انت خلاص.....الاربعين جنيه نسوك أصلك
طارق : يلا يا صديق السوء
يذهبان إلى محطة الأتوبيس ، و ينتظران أتوبيس الجامعة حتى يأتى فيجدانه مزدحماً فيسران لذلك لسهولة التهرب من الكمسارى
فيركبان و فعلاً يزوغان منه و يذهبان إلى وسط الأتوبيس و يقفا وراء فتاة فتلتفت إلى (طارق) و تبتسم له ، فيكاد طارق ينبت له جناحان من الفرحة ... أخيراً وجد فتاة تأبه له ، فيشاهد ذلك ( هيما ) فيكاد ينبت له قرنان من الغيرة ... و يحاول أن يتقدم فيقف هو إلى جوارها فيمنعه (طارق) بذراعه
طارق : إيه ... رايح فين ... مفيش مكان
هيما : كده ... حتبيع أخوك من أولها
طارق : و لا أعرفك
هيما : ماشى يا عم ... و زوغنا كمان ... ماشية معاك حلاوة
يهمله طارق تماماً و يلتفت إلى الفتاة الشيك و يسأل نفسه : لماذا تركب مثلها هذا الأتوبيس المزدحم .
أخذ طارق يحاول أن يبدأ معها حوار ، فلم يستطع ، فالتفتت هى إليه
الفتاة : الدنيا حر قوى
طارق : آه .... الواحد عرقان خالص
الفتاة : مش عارفة الأتوبيس حيكون فاضى امتى
طارق : حيكون فاضى بعد ما الناس تنزل .....ها ها ها ها ها ( و يضحك بصوت عال )
الفتاة : ( تبتسم ) انت رايح الجامعة ؟
طارق : أيوة
الفتاة : فى كلية إيه ؟
طارق : تجارة ... و انتي
الفتاة : أنا فى الجامعة الأمريكية
طارق : اللى فى التحرير
الفتاة : آه
طارق : أهلا و سهلاً
الفتاة : ده زميلك ؟
هيما : ( يبتسم و يمد يده ليسلم عليها ) : آه أنا زميله
الفتاة : ( تسلم عليه و هى تبتسم ) : أهلا و سهلاً
طارق : ( يشعر بالغيرة الشديدة) يلا يا خويا عشان هننزل المحطة الجاية
فى هذه اللحظة يفرمل الأتوبيس فرملة شديدة فتميل الفتاة على طارق و تستند عليه فيشم منها رائحة عطر أصابته فى مقتل
الفتاة : أنا آسفة
طارق : ( يكاد يغمى عليه ) لا ... خالص ... مفيش حاجة
هيما : يلا ... المحطة قربت
يودعها طارق بابتسامة عريضة و تودعه بمثلها ، ثم ينزلان من الأتوبيس و طارق فى حالة يرثى لها من الوله و التوهان
هيما : مالك ... انت سافرت و لا إيه
طارق : شفتها و هى بتضحكلى ؟
هيما : يا بنى دى تعبانة خالص .... أما لو شفت البت بتاعتى ...
طارق : مش عارف يا أخى... الأتوبيس كل يوم يوصلنا فى ساعة كاملة .... النهارة الطريق ماشى فريرة
هيما : أصل انت نحس يابنى
طارق : ملحقتش حتى أعرف اسمها
هيما : يا عم خلص بقى .... يلا نملى التنك الأول قبل ما نروح الهبابة ، لحسن أنا كلتش من الأسبوع اللى فات
طارق : ماشى يا عم و أنا عازمك
هيما : إيه يا عم الكرم اللى نزل عليك مرة واحدة ده
طارق : أى خدمة بس متاخدش على كدة ..... تعالى نروح عند فجر الإسلام بتاع الكشرى
هيما : متخليها كبدة النهاردة يا روقة
طارق : وله .... بقولك إيه ... لا حيبقى فيه كبدة و لا كشرى ... مش كفاية أنا متكفل بيك النهاردة
هيما : ذِل أهلى بقى عشان طبق كشرى حمضان
طارق : و جاى على نفسك ليه ؟ بلاش
هيما : خلاص يا عم ... اللى ييجى منك أحسن منك
يدخلان إلى محل الكشرى فيطلب (طارق ) طبق مخصوص له و يطلب لـ (هيما ) طبق عادى ،فينظر له (هيما) بغل
هيما : ماشى يا أندل
طارق : انت فاكرنى نسيت و لا إيه .... انتم السابقون
هيما : مردودالك
طارق : بس يا فقير يا معفن
يأكلان و يشبعان و تمتلئ بطونهما ، و يظل طارق يتكلم عن تلك الفتاة و كأنها فتاة أحلامه
و أخيراً يأتى الجرسون ليطلب الحساب
طارق : الحساب كام ؟
الجرسون : أربعة جنيه يا بيه
يمد يده فى جيبه الخلفى ليخرج المحفظة ، فيصفر وجهه ....غير موجودة .... يدخل يده فى جيبه الثانى .... فيحمر وجهه ... غير موجودة
طارق : يا نهار اسود ... المحفظة وقعت منى
هيما : وقعت ولا اتسرقت
طارق : ( و كأنه انتبه إلى شيء ما ) البت بتاعة الأتوبيس .... باين هى اللى سرقتها ... يا بنت الحرامية
هيما : و بعدين ... حتعمل إيه
كل هذا و الجرسون واقف و كأن الأمر لا يعنيه ...
الجرسون : إيه يا بشوات ... فيه فلوس ولا لأ
هيما : الطبق العادى بكام
الجرسون : بجنيه و نصف
يمد هيما يده فى جيبه فيخرج جنيهاً و نصفاً فيدفعه إلى الجرسون
طارق : ( و هو يكاد يبكى ) : و بعدين يا (هيما)
هيما : أروح أندهلك أبوك ؟
طارق : أبويا إيه الله يخرب بيتك ... هى ناقصة؟
ثم ينظر إلى الجرسون فى استجداء ، فينظر إليه الجرسون فى لامبالاة
الجرسون : و بعدين
طارق : فيه تليفون هنا ؟
هيما : ما انت معاك الموبايل
طارق : ما انت فتحت على و كانت آخر مكالمة شايلها للرنات يا فالح
الجرسون : مفيش تليفون
طارق : طيب روح يا هيما اتصل بالواد (وحيد ) خليه ييجى يدفع
هيما : أنا معيش غير ربع جنيه حاروح بيه
طارق : ( يستعطف الجرسون الضخم غير المبالى ) بقول لحضرتك إيه ... إحنا زباين هنا
الجرسون : أنا أول مرة أشوفك
طارق : الفلوس اتسرقت و الله
الجرسون : ما ليش فيه
طارق : طيب و بعدين
الجرسون : هات الموبايل رهن و روح هات الفلوس
طارق : ده بخمسميت جنيه و فيه كاميرا
الجرسون : يبقى حتنضرب لما تتكسر و حتغسل المواعين و حتقشر بصل لحد ما يجيلك إمساك
ثم يذهب ليحاسب زبون آخر
هيما : طيب أنا حامشى بقى يا طارق عشان ألحق المحاضرات
طارق : محاضرات .... حتسيبنى كدة من غير ما تتصرف
هيما ( يميل عليه و يهمس له ) : خلاص بقى يا طارق ... دول قلمين و حيعدوا ... و بعدين ما احنا ياما اضربنا كتير قبل كدة
طارق : يا سلام .... انت مش شايف إيده قد إيه ... ده ممكن يفرطلى سنانى بقلم واحد ... القلم التانى ممكن يقلبنى واحدة
هيما : أقولك ..؟ إجري ... يلا هو مش واخد باله .... تعالى نجرى
طارق : ( و قد تجرأ قليلا) : طب يلا ...
فجأة يجرى هيما و يخرج من المحل ، و يجرى وراءه طارق فيصطدم بزبون داخل إلى المحل فيتعثر و يقع على الأرض ، فيجرى إليه الجرسون و يمسكه من قفاه ، و يدخل به إلى المحل
.............. الله يرحمك يا طارق
..........................................
لو طارق عاش ولقى ردود حيكون فيه حلقة رابعة